في السنين الأولى، يصف (شتاينر) الطفل ككائن حساس يتأثر بجميع المثيرات التي حوله بشكل كبير. فكلما كانت هذه المثيرات طبيعية ومحفز جيد للحواس، كلما ازدهرت مرحلة الطفولة؛ لذلك تبتعد هذة الفلسفة عن الشاشات بشكل عام وقاطع خصوصاً في هذه المرحلة، وتعمل على دمج الطفل داخل عالم من اللعب والخيال.
يعمل كل من البيت والروضة على إعداد بيئة تتمتع بالدفء والمثيرات الطبيعية من الألعاب الخشبية والقماشية، والبعد عن المزيفات من الألعاب البلاستيكية والعرائس ذات الوجه المثالي.
في هذه المرحلة يتم دمج الطفل داخل الأعمال اليومية المنزلية، مثل: إعداد الفطور وتجهيز المائدة والمساعدة في المنزل كجزء من النشاط اليومي الدائم والثابت، والذي يساعد الطفل على اكتساب الكثير من المهارات الحياتية، وذلك بجانب أوقات طويلة من اللعب الحر سواء بالعرائس والدمى أو في الطبيعة خارج المنزل.
تبتعد الفلسفة في هذه المرحلة عن الألعاب أو الأعمال الفنية الممنهجة، وتعتمد بشكل أساسي على اللعب الدرامي وحكي القصص والحكايات والفنون التي تخرج من الطفل بإبداعه بدون تدخل أو إرشاد من المعلم أو الوالدين. مثلاً: البعد عن تلوين الرسومات الجاهزة وترك الطفل مع الألوان المائية أو الشمعية بحيث يرسم من إبداعه بدون وقيود.
البعد عن الألعاب المخصصة لتنمية مهارات بعينها، والاعتماد على الألعاب التي يُلعب بها بأكثر من طريقة وذات نهايات مفتوحة، كالدمى والسيارات ومكعبات البناء والمطبخ وأدواته، وهكذا.
أيضاً تبتعد الفلسفة عن الدراسة الأكاديمية بجميع أشكالها في الروضات، وتكتفي بإعداد الطفل للكتابة عن طريق رسم الأشكال والخطوط، وإعداده للقراءة عن طريق حكي القصص وحفظ النصوص والأغاني.
رؤية الفلسفة لهذه المرحلة العمرية رؤية حساسة وفيها الكثير من الاحترام والتقدير لذات الطفل ونموه الجسدي. جزء من احترامنا لنمو الطفل الجسدي هو عدم شغله وإشغاله بأعمال عقلية ليس وقتها الان.
في الأجزاء القادمة من السلسلة سوف نتكلم عن كيفية تهيئة بيئة داعمة وآمنه للطفل، وعن طرق اللعب والأنشطة المختلفة في فلسفة والدورف لتعليم الطفل.